هناك مجموعة كبيرة من الأبحاث التي تدعم قيمة المرونة النفسية في مكان العمل في ما يتعلق بعدد من المخرجات المهنية. على المدى القصير، تمكننا المرونة النفسية من البقاء على قيد الحياة وتجاوز الإخفاقات والتحديات والتغييرات التي نمر بها. فقد أظهرت الأبحاث أن المرونة النفسية تعمل كحاجز ضد التعرض للضغوط ، وكذلك “الإنهاك”. يُعرَّف الإنهاك بأنه الإرهاق الجسدي والعاطفي الناتج عن الضغط المفرط، ما يؤدي إلى الإرهاق وسرعة الغضب وقابلية الإصابة بالأمراض.
من المرجح أن يكون الأفراد المرنون نفسيا أكثر إبداعًا وقدرةً على التكيف مع التغيير واستمرارًا في مواجهة الشدائد. إن هذا السلوك يؤدي إلى تحسين الأداء في مكان العمل المتسم بالتغيرات أو التحولات السريعة. لقد ارتبطت المرونة النفسية بشكل مباشر بزيادة الأداء في العمل والمجال العسكري والرياضة والتعليم. كما ثبت أيضا أن لها تأثيرًا إيجابيًا على المتغيرات الأخرى بما في ذلك الارتباط والالتزام المؤسسي والسعادة في مكان العمل والرضا الوظيفي والحالة النفسية الجيدة.
أظهرت الأبحاث أنه يمكن بناء المرونة النفسية في مكان العمل. ولكن، لبناء المرونة النفسية، نحتاج إلى الاعتراف بأن المرونة النفسية هي مصدر نفسي ومجموعة من الاستراتيجيات النفسية التي يمكن استخدامها عند التعامل مع المواقف الصعبة.
إن ذلك يسلط الضوء على جانبين حاسمين في كيفية بناء المرونة النفسية . عن طريق الاعتراف بأن المرونة النفسية هي أحد المصادر، يتم تسليط الضوء على حاجتنا إلى بناء المرونة النفسية عن طريق تخصيص الوقت لتجديد وتغذية أنفسنا عندما نستطيع. أما عن طريق قبول أن المرونة النفسية هي أيضًا مجموعة من الاستراتيجيات النفسية، فذلك يُظهر أنه يمكننا استخدامها لزيادة قدرة هذا المصدر وفعليا تنمية هذه المهارة. إن استخدام استراتيجيات المرونة النفسية، مثل إعادة صياغة ما نمر به من تجارب والتأمل فيها، يمكن أن يساعد في تحسين قدرتنا على النجاة من التجارب السلبية واستخدامها للتعلم والتطور.
هناك العديد من الطرق التي يمكن للأفراد عن طريقها تطوير مرونتهم النفسية. فيما يلي بعض الخطوات المفيدة التي يجب مراعاتها لمن يرغبون في تطوير و تعزيز مرونتهم النفسية.
امنح نفسك الحق في تجديد ذاتك. إذا واصلت البقاء على نفس المسار، فأنت لا تتمتع بالمرونة النفسية، أنت فقط على قيد الحياة. حتى عندما تعتقد أنه ليس لديك الوقت للقيام بذلك، يجب أن تخصص الوقت، لأن التجديد ضروري للنمو. انك تحتاج إلى منح نفسك الفرصة للتكيف والتعافي، حتى تتمكن من التعامل مع التحديات المقبلة.
عليك فهم طبيعة مرونتك النفسية. هناك عدد من الأساليب والمنهجيات التي يمكن استخدامها لتعزيز المرونة النفسية لديك، فلكل فرد تفضيلات ونقاط قوة ودوافع مختلفة. لذلك، سوف تحتاج إلى تحديد التقنيات التي تناسبك. ولكن، إذا تمكنت من فهم مدى مرونتك النفسية، فسيمكنك التركيز على التقنيات التي سيكون لها التأثير الأكبر على تطويرك.
ابذل جهودًا مركزة. الموهبة وحدها لا تصنع النجاح، و كذلك التغيير لا يحدث دون تضافر الجهود. لذلك، على الرغم من كون المرونة النفسية شيئًا يمكن تطويره، إلا أنها ليست شيئًا سيحدث بدون تفاعل منك، إنها شيء يتطلب وقتًا وجهدًا وموارد شخصية. إن ذلك الجهد يمكن أن يؤدي إلى تشكيل مسارات عصبية تساعدنا على التطور وتتحول إلى عادات مفيدة بمرور الوقت.
أظهرت الأبحاث أن مرونة النفسية للفرد وحالته النفسية الجيدة مرتبطان ارتباطًا مباشرًا. عادة، الأفراد الأكثر مرونة هم أكثر عرضة لتجربة الحالة النفسية الجيدة. وبالتالي، تم استخدام تطوير المرونة النفسية بنجاح عن طريق التدريب في العديد من المؤسسات للمساعدة في دعم الحفاظ على الحالة النفسية الجيدة وتنميتها. لقد ثبت أن الاستراتيجيات النفسية التي تقوم عليها المرونة النفسية تزيد من الحالة النفسية الجيدة.
تُبين الأبحاث أنه يمكن تعزيز المرونة النفسية لدى الأفراد، وأن التدريب يعتبر طريقة فعالة لتطوير المرونة في مكان العمل. في الواقع، تشير مراجعة لـعدد 268 دراسة إلى أن فعالية تدريب المرونة النفسية له تأثير كبير بشكل عام على تطوير المرونة النفسية (Liu et al، 2020).
ومع ذلك، فإن تدريب الموظفين على المرونة النفسية يكون فعالًا فقط بقدر فعالية طريقة تنفيذه واستخدامه. لذلك، هناك مجموعة من الجوانب التي يمكن أن تؤثر على فعاليته بما في ذلك كيفية تصميم البرنامج، وجودة التقديم، وتحفيز الأفراد، والالتزام المؤسسي للمساعدة في دعم تطوير الموظف. عادةً، يُظهر التوجيه على المرونة النفسية أنه الشكل الأكثر فاعلية للتدريب على المرونة النفسية، و تأتي ورش عمل المرونة النفسية التي يقدمها الخبراء في المرتبة الثانية الأكثر فاعلية.
بقدر ما تعتبر قوى السوق والأنظمة التشغيلية حاسمة لنجاح أي مؤسسة، ففي الأساس الأفراد هم حقا الذين يصنعون الفرق. تعود قدرة المؤسسة على البقاء أو التكيف أو التعافي أو الازدهار إلى شجاعة وإبداع وقوة الموظفين ذوي المرونة النفسية الذين يعملون معًا لإنشاء مؤسسات فعالة. لقد أظهر الباحثون فوائد المرونة النفسية بشكل متكرر، حيث سلطت الدراسات الضوء على أن الموظفين المرنين نفسيا هم أفضل أداءً، ويشعرون بارتباط أكبر في العمل، كما انهم أكثر انفتاحًا على التعلم (مالك وجارج، 2017).
إن الخطوات التي يمكن للمؤسسة اتخاذها لمساعدة الموظفين على تطوير المرونة النفسية تعتمد على الغرض من المبادرة وما الذي ترغب المؤسسة في تحقيقه. ومع ذلك، فإن بعض الخطوات العملية التي يتم اتخاذها عادةً عند محاولة تقديم برنامج لتطوير المرونة النفسية مذكورة بالتفصيل أدناه:
عادة، يمكن للمؤسسات اتباع منهجيتين واسعتين لإجراء برنامج تدريب المرونة النفسية: