بقلم دان هيوز، مدير البحث والتطوير الدولي
في حين أن وضع الوباء لا يزال يختلف من بلد لآخر، إلا أن هناك بصيصًا من النور بدأ يلوح في نهاية هذا النفق المظلم، بفضل تكثيف الجهود فيما يخص برامج اللقاح. لقد كان العالم يسير بخطى مسرعة بالفعل، بيد أن أحداث الأشهر الـ 12 الماضية التي هزت كيان العالم أجمع، من شأنها على الأرجح أن تجلب على إثرها المزيد من التغييرات الأطول أمدًا، بينما نحن نتطلع إلى مستقبل الأعوام الخمسة المقبلة. لا ريب أن بعضًا من هذه التغييرات سيكون إيجابي الأثر، ولكن هذا يعني أيضًا أننا بحاجة إلى إمعان النظر في السلوكيات الرئيسية ومعايير النجاح التي ستحظى بالأهمية القصوى في عالم العمل بشكله الجديد، بل والتكيف مع هذه السلوكيات والمعايير وتعلُّمها أيضًا.
يُمكننا النظر إلى ذلك عبر ثلاث رؤى تعكس الجوانب الرئيسية لأداء العمل، والتي تلعب دورًا حيويًا في تحقيق النجاح المنشود، سواء على المستوى الفردي أو المؤسسي:
- التواصل – كيف نتواصل مع الآخرين، ونكسب دعمهم، ونتعاون معهم.
- التحول – كيف نخلق التغيير، ونتخذ القرارات، ونمهد الطريق لغيرنا.
- الإنجاز – كيف نتوصل إلى النتائج المرغوبة، ونتغلب على العثرات، ونتكيف مع التغيير بشكلٍ فعال.
إذاً، مع وضع هذه الرؤى في الاعتبار، فما هي التحديات الرئيسية التي نحتاج إلى التفكير بها، وكيف نستعد للتكيف معها أثناء تحولنا إلى عالم العمل بعد الجائحة؟
التواصل
عقب التحول الهائل إلى العمل عن بُعد في العام المنصرم، على الأرجح تتبنى العديد من المؤسسات الآن شكلًا من أشكال العمل بنظام هجين مرن بصفة دائمة. في هذا السياق، أظهرت دراسة استقصائية أجرتها شركة Microsoft مؤخرًا أن 73٪ من الموظفين يحبذون استمرار خيارات العمل عن بُعد، ذات الطبيعة المرنة. ولكن، في الوقت ذاته، أفاد 67٪ منهم أنهم يريدون التعاون أو العمل بنظام الحضور الشخصي بقدر أكبر مما عليه الوضع الحالي. وهذا من شأنه خلق تحديات جديدة، تتمثل في كيفية تواصلنا مع الآخرين على المستوى البشري وبناء رأس المال الاجتماعي:
- مع وجود بعض أفراد القوة العاملة في المكتب وغياب أفراد آخرين، {0}كيف يمكنني ضمان أنني أدعم مناخًا شاملًا{1} وأشارك الجميع في تناول المسائل التي تهمّهم؟ كيف يُمكنني ضمان الإنصات إلى مختلف وجهات النظر والرؤى والاستفادة منها جميعًا؟
- كذلك، خلُصت دراسة Microsoft إلى أن نظام العمل عن بُعد قد أدى إلى زيادة تركيز تفاعل الموظفين مع زملائهم المباشرين، بينما تقلصت فرص تفاعلهم مع الأقسام الأخرى والشبكات الأوسع نطاقًا. إذن، كيف يمكننا بناء شبكات أوسع نطاقًا والحفاظ عليها في ظل نموذج عمل هجين؟
- مع احتمالية استمرار العديد من الأشخاص في العمل عن بُعد، {0}ما الحل الأمثل لبناء أواصر الثقة والتعاون{1} مع أشخاص لم نلتقِ بهم مطلقًا – أو نادرًا ما نلتقي بهم – وجهًا لوجه؟
التحول
حيثما نشرع في استشراف مستقبل ما بعد الجائحة وتأثيرها طويل المدى على الاقتصاد والقطاعات المختلفة، ستحتاج الفرق والمؤسسات إلى إعادة النظر في الهدف والإستراتيجية والاتجاه، وأيضًا الوضع في الحسبان الكيفية التي قد تحتاج إليها نماذج الأعمال لإجراء {0}التحول{1}. إن رسم المسار الصحيح في هذا العالم المعقد وغير المستقر، يثير العديد من التساؤلات:
- مع الكمّ الهائل من البيانات والتعقيد في العديد من مجالات العمل، كيف يمكنني التنقل عبر ذلك بشكلٍ فعال، وتصفح جميع المعلومات والبيانات لتحديد أهمها، ورؤية الصورة الأكبر، وانتقاء الخيارات الصحيحة؟
- مع تغير الأوضاع والظروف على نحو سريع، كيف يمكنني التأكد من أنني أعمل بسلاسة، وأتعلم بسرعة، وأفكر بطريقة إبداعية، وأستكشف الابتكارات الجديدة أيضًا؟
- أما على مستوى القادة، {0}كيف أكون مثالًا للقيادة الهادفة{1} وأخطّ مسارًا لاتجاه إستراتيجي يلائم أهدافي بشكل مثالي في عالم العمل بشكله الجديد، ويضمن إشراك الأشخاص داخل المؤسسة؟
الإنجاز
لقد كانت الرقمنة، والذكاء الاصطناعي (AI)، والروبوتات، وغيرها من التقنيات الحديثة بطبيعة الحال معطِّلاً رئيسيًا في مكان العمل، وأشارت {0}دراسة{1} إلى أن هذا الوضع قد تسارع بشكل كبير جرّاء الجائحة. ومع ذلك، تقدم هذه التقنية الجديدة فرصًا مذهلة لزيادة الإنتاجية، وتمكين رؤى أفضل وتحسين سير العمل. ومن شأن ذلك أن يوفر للأفراد في العمل الفرصة والتحدي على حدٍّ سواء:
- في ظل استمرار الأوضاع المضطربة حتى مع ظهور بوادر انتهاء الجائحة، كيف يمكنني الحفاظ على موقف إيجابي برغم ما ينطوي عليه الوضع من شكوك، والتركيز في الوقت ذاته على تعاظم الفرص الناشئة عن التغيير؟
- كيف يمكنني التأكد من أنني مستعد لتبنّي التقنيات الجديدة في مجال عملي – ما المهارات التي أحتاج لتطويرها وكيف يمكنني اكتسابها؟ كيف أبقى على اطلاع على التطورات المستجدة أولًا بأول؟
- على مدار الأشهر الـ 12 الماضية، واجه العديد من الأشخاص حالة شديدة من التوتر والضغوط؛ بسبب الجائحة كالبطالة، وتسريح العمالة، والمخاوف الصحية، وتعليم الأطفال في المنزل، و”إجهاد Zoom”، وتلاشي الحدود الفاصلة بين العمل والحياة خارجه. من المتوقع أن يستمر العمل في السير بسلاسة بوتيرة سريعة يشوبها بعض الاضطراب، لذا كيف يمكنني ضمان الحفاظ على مرونتي، وإدارة رفاهيتي، والتعافي بشكلٍ فعال من الانتكاسات الحتمية التي ستحدث؟
التطلع إلى المستقبل
في الأشهر والأعوام المقبلة، سيكون من الأهمية بمكان أن نتصدى لهذه التحديات، ونجيب عن هذه التساؤلات بغية المساعدة في الوقوف على السلوكيات والأفكار الرئيسية التي نحتاجها لبلوغ النجاح المنشود في المستقبل. فالمؤسسات التي تستبق التفكير في المستقبل، وترسخ ذلك في إستراتيجيات توظيف المواهب والتطوير التي تضعها، ستكون على أتمّ الاستعداد للنجاح والازدهار.
ترقّبوا المزيد من الموارد، حيث تعمل شركة PSI على تحديد التوجهات وأفضل الممارسات والنصائح؛ لضمان أن مؤسستك مجهزة للتعامل مع هذا التحول الهائل في عالم العمل بشكله الجديد.